بالاستماع، باللغتين الإنجليزية والعربية، لأحدث خطب الرئيس الفلسطيني محمود عباس وزملائه أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، نحصل على شعور بعدم الارتياح أن الدولة الفلسطينية، والتي يجري الترويج لها الآن في أوروبا، لن تشكل فقط تهديداً لاستقرار المنطقة بأكملها، ولكن لنا نحن الذين نرغب بالبقاء والعيش هنا ، وكذلك إلى تلك البلدان في أوروبا الذين يروجون لها.
في الوقت الذي يناقش الفلسطينييون فيما بينهم - بعيدا عن الدبلوماسيين في فنادقهم ذات الخمس نجوم - بدلا من قبول هذه "الهدية" أن أوروبا تبدو مصممة على إرغامنا، فإن كثير من الناس يرون بشكل متزايد أنه لا خيار سوى إطلاق ثورة "الربيع الفلسطيني". إنه ليس كما تعتقد، من أجل تخليصهم من إسرائيل ولكن في النهاية لتخليصنا من قيادتنا الردئة ونظام حكومتنا الفاسد - ووقف الدول الأوروبية التي تفرض هذا النظام الوحشي علينا عن طريق تمويلها.
لقد كنا محظوظين بما يكفي لنتعلم من إسرائيل كيف تعمل الديمقراطية. حتى على الرغم من أن ثورة الربيع الفلسطينية قد تسبب الفوضى في المنطقة وخارجها لفترة من الوقت، فإن فرصها في النجاح هي أكثر ضمانا بكثير مما كانت عليه في أماكن أخرى في الشرق الأوسط، حيث كانت هناك عدة محاولات ذلك، ولكنها لم تنجح دائما.
نحن لا نريد أن نفعل هذا، بطبيعة الحال، ولكن إذا أُرغمنا من قبل أوروبا على هذه الديكتاتورية الفاسدة التي تسمى فلسطين، فإن الجماعات الإرهابية مثل حماس وتنظيم القاعدة والجهاد الإسلامي، و داعش سوف تُغرق الضفة الغربية في أقل من أسبوع وسوف تكون حياتنا أسوأ مما نحن عليه الآن. ونحن ببساطة لا نعرف ماذا نفعل للدفاع عن أنفسنا من أولئك "الطيبين" في أوروبا.
القيادة الفلسطينية، التي تقمع الناس بدلا من الإجتماع معهم. بالطبع، فإن الدبلوماسييون الاوروبييون لا يتحدثون إلينا . إنهم فقط يتحدثون مع بعضهم البعض ويتحدثون مع "نظرائهم"، كما يطلقون عليهم في غرف اجتماعهم المكيفة والفنادق.
ما نتحدث عنه هو كيف يمكن للأوروبيين والدبلوماسيين ممن يدفعون قادتنا لقتل اليهود من أجلهم – عن طريق أموالهم ولكن الثمن حياتنا - حتى يتمكنوا من إنهاء المهمة من دون الحصول على أيدي قذرة مع المحافظة على شعور جيد.
من الواضح أنهم يعتقدون أننا لا نستطيع أن نرى من خلال هذه الخطة. وحتى يشكرونا سوف يلقوا بنا في براثن دكتاتورية عربية فاسدة أخرى.
أنه ليس خطأ الإسرائيليين. بطريقة غريبة، فالإسرائيليين ليسوا سوى الضحايا الآخرين الذين الأوروبيين - بالتواطؤ مع قادتنا - يتلاعبون بنا من أجل أن نكرهم. فقد دفع الأوروبييون قادتنا لتشكيل "كيف نفكر"، وهو عبارة عن غسيل دماغ لا يتوقف.
الادعاء المعتاد هو "الاحتلال"، ولكن الإسرائيليين "يحتلون" الضفة الغربية فقط لأننا - في شكل الاردن - نحتل أرض الميعاد خاصتهم ثم هاجمناهم مرارا وتكرارا.
هناك ادعاء آخر مؤخراً وهو "المستوطنات"، ولكن تشكلت منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1964، قبل أن يكون هناك أي "مستوطنات"، لذالك ما الذي كانت تخطط "لتحريره" بالضبط؟ اذا نظرتم الى أي خريطة الفلسطينية حتى يومنا هذا، فإنها تشمل إسرائيل بأكملها. بالنسبة للسلطة الفلسطينية والعديد من العرب والمسلمين، فإن إسرائيل ككل عبارة عن "مستوطنة" كبيرة. وفي الاسبوع الماضي قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح توفيق الطيراوي، " أن حيفا ويافا وعكا والناصرة هي مدن فلسطينية على الرغم من أنف الأمريكيين والإسرائيليين". الأسبوع القادم سيكون هناك ذريعة أخرى.
الذي أصبح أكثر وضوحاً هو أن كل شيء تقريبا تسير بشكل خاطئ والسبب أوروبا، والقادة هناك الذين يمولون ويهتفون للفساد والفوضى التي لن يحتملونها في بلدانهم دقيقة واحدة، ولكنهم يتوقعوا منا أن نتحملها.
فلسطين هي هنا، بالضبط حيث كانت دائما. وقد عاشت فيها الناس ل4000 سنة، من قبل العرب والمسيحيين واليهود وغيرهم ممن يحضر.
إنها حماس التي تعبر في كل مواثيقها وبياناتها اليومية نية ارتكاب الإبادة الجماعية في حق اليهود - وليس الإسرائيليين بل اليهود.
وتدعو المادة 7 من ميثاق حماس علناً عن الإبادة الجماعية لليهود، وهو عمل شرعه الإسلام، كجزء من الإرث الديني.
عباس كان يدعو إلى "المقاومة الشعبية السلمية" ضد الإسرائيليين، عن طريق "استخدام جميع الوسائل المتاحة" ضمن "القانون الدولي" - من باب مجاملة أوروبا. "المقاومة الفلسطينية" تثير الفرنسيين الشجعان الذين يجرؤون على مهاجمة النازيين والإرهابيين على عكس الفلسطينيين اللذين يعملون على قيادة السيارات نحو الناس، ويخرجون من الأنفاق لقتل وخطف الأطفال الصغار، أو ذبح كبار السن من الرجال بينما كانوا يصلون.
والحقيقة هي لجوء محمود عباس لزعماء العالم لمساعدته على الالتفاف حول الحكومة الاسرائيلية، ومفاوضات السلام واتفاقات السلام الملزمة قانوناً، كل هاذا من أجل تحقيق دولة فلسطينية أحادية الجانب - دون الحاجة إلى الاعتراف بإسرائيل كوطن لليهود ودون التوصل الى اتفاق حول الوضع النهائي معها.
لو كنتُ إسرائيلياً، لكنت فهمت عندما يقول محمود عباس انه يريد ممر آمن بين قطاع غزة والضفة الغربية، وكذلك السيطرة الكاملة على الخطوط الجوية والبحرية، انه يعني انه يريد ان يتلقى أسلحة من إيران دون أي تدخل.
نحن في الواقع نتهم اليهود ب"الإبادة الجماعية" في حين أننا نسعى لقتل كل منهم والقاءهم في الهاوية؟ وهل يقوم الأوروبييون فعلاً بشراء هذا الهراء؟ علينا جميعا أن نسأل أنفسنا: إذا كان الأوروبيون يريدون أن يمتلكوا شعور جيد حيال أنفسهم، لماذا يتصرفون وكأنهم متواطئين أوملحقات للمجرمين؟ ألا يجعلهم هذا مجرمين، أيضا
إنه عباس، الذي، بدلا من أن ينأى بنفسه عن حلم حماس الذي يشبه حلم داعش بإقامة إمارة إسلامية على أنقاض إسرائيل، فقد سلَم نفسه لنفس الأيديولوجية الإرهابية الإسلامية. هو والمقربين منه بدلاً من محاولتهم لتجنب المفاوضات التي الزموا انفسهم بها في اتفاقات أوسلو الثاني 1995، لكنها يوميا تثيرالعنف. كما يبدو بوضوح أنه يتمنى أن تعترف الدول الأوروبية والأمم المتحدة بفلسطين كدولة حتى قبل الوعود لإنهاء العنف اليومي، الذي الآن وسيتم التمويل أكثر وببذخ، وذلك بفضل التقارب الفلسطيني الجديد مع ممولي الإرهاب الرئيسيين قطر وإيران.
ومن الواضح أن عباس، على الرغم من التوترات المستمرة، بدلا من الوقوف مع المسلمين الذين يؤمنون حقا في السلام، والذين يدينون المنظمات الإرهابية مثل حماس وداعش، في الواقع الجانبين مع حماس. حماس هي شريكه في حكومة الوحدة بين السلطة الفلسطينية وحماس. كلا الحكومتين الفلسطينيتين ارتكبت جرائم حرب وشوهت المعنى الحقيقي للإسلام.
وعلاوة على ذلك، فإن السلطة الفلسطينية، حركتي فتح وحماس تواصل تعزيز العنف. قناة التلفزيون والتي تسيطر عليها حكومة السلطة الفلسطينية تدعو لمهاجمة الإسرائيليين، وتكرم الارهابيين وتدعو إلى التمويل حتى تعطى المال لأسرهم.
يتم تمويل الكثير من هذه الأموال من قبل الاتحاد الأوروبي، مع عدم وجود الشفافية أو المساءلة رغم سنوات من الجهود لديهم لجعل كميات التمويل على الملأ، كما هو مطلوب بموجب القانون في ولاية الاتحاد الأوروبي الخاصة. لذلك، ليس لدينا خيار للأسف سوى أن نخلص إلى أن الاتحاد الأوروبي هو مجرد سخرية وفساد كما الديكتاتورية المتصلبة.
محمود عباس ورفاقه في اللجنة المركزية لحركة فتح يصعدون باستمرار خطابهم المعادي لإسرائيل - نتيجة استسلامه هي منح القوة لحركة حماس في قطاع غزة والضفة الغربية. بدلا من محاولة هزيمة حماس، التي من الواضح أن ذالك يفوق قدراته، ففقد انضم إليها - طريقة جبانة للخروج أكثر من أي وقت مضى منذ ألقت به حماس خارج قطاع غزة في عام 2007.
واصلت حماس محاولتها لقتل عباس. ولكن على ما يبدو، عباس يبقي على أمل. كما يقول المثل: لا يلدغ المرء من جحر مرتين.
حماس تتبع فكر جماعة الإخوان المسلمين القاتلة، التي تسعى فقط إلى فرض نفسها على العالم بأسره، في مخالفة صريحة للقرآن، الذي ينص على أنه "لا إكراه في الدين". حتى العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني كان قد ذكر في الأمم المتحدة في 24 سبتمبر 2014 أن هناك حرب أهلية في العالم الإسلامي بين المتطرفين الإرهابيين والمسلمين الحقيقين.
لو كان الزعماء الأوروبييون يهتمون لأمرنا حقاً، بدلا من إرسال المال لنا، من باب أولى أن يساعدونا في التخلص من اليهود، ومساعدتنا على إيجاد قيادة أفضل - القيادة التي من شأنها أن تهتم للحياة اليومية ورفاه شعبها بدلا من مجرد أخذ المزيد والمزيد من المال مجانا من أوروبا. ولكن لماذا يتوقف القادة الفلسطينييون عن ذالك؟ إنه بمثابة مشروع مُجدي لهم، ويأتي بلا أي شروط؛ إذن لماذا يجب أن يتوقفوا؟ وحتى الآن، وبعد الهزيمة الساحقة لحركة حماس، لم يقترح أحد في أوروبا ان حماس يجب أن تنزع سلاحها ومنزوعة السلاح وأن يتم تجريد قطاع غزة من السلاح كشرط قبل تمويل إعادة إعماره.
هل يعتقد القادة الأوروبيين بصدق أنه سيكون لدينا حياة أفضل في ظل دولة فلسطينية؟ على الأقل الآن ليس لدينا حماس التي "تحتل" المزيد من الأراضي وتبادل الإساءاتا التي نعاني منها الآن لانتهاكات المتعصبين دينياً الأمر الذي من شأنه أن يكون أسوأ من ذلك.
إذا أردنا أن نكون صادقين مع أنفسنا، وهذا ما يمكن أن نراه هنا على أرض الواقع، إسرائيل لم تدعو أبدا لتدمير الفلسطينيين. والأبحاث تشير بقوة إلى أنهم لم يحاولوا أبداً "تدمير الفلسطينيين" أو أي مجموعة عرقية أخرى - لا المسيحيين ولا المسلمين أوالأكراد أواليزيديين أو الأقباط.
لم تشر اسرائيل أبدا إلى القيام بأي عمل أو خطة لتدمير الشعب الفلسطيني. على العكس من ذلك، فإن إسرائيل، في الوقت الذي تحمي نفسها، قد فعلت ما في وسعها لعدم إلحاق الأذى بالمدنيين الفلسطينيين، على الرغم من أنها يمكن أن تلحق ضرر لا يوصف إذا رغبت بذالك. ربما نضحك عندما يُقال أننا محظوظين بوجود إسرائيل ك "عدو" لنا. على الجميع أن يحظى "بعدو" مماثل. هل يمكنك أن تتخيل ما هو شكل مذبحة لليهود - والمسيحيين وغيرهم - من شأنها أن تكون لو امتلكت إيران أو داعش نفس الأسلحة التي تمتلكها سرائيل؟
على العكس ، إنه نحن، الفلسطينيين، الذين كنا على مدار العقود ندعو إلى تدمير "الكيان الصهيوني" ورمي اليهود في البحر. البعض منا لا يزال يعمل على تحقيق هذا الهدف.
القيادة الحالية هنا، بطبيعة الحال، وكالعادة تسعى لتحويل هذه المشاعر، مشاعر الغضب والإحباط ضد إسرائيل. ولكن على نحو متزايد الناس هنا تتحدث عن مئات الملايين من اليورو سنويا يقدمونها الأوروبيين للقيادة و ما يسمى ب "الجمعيات الخيرية لحقوق الإنسان" المسيَسة للحفاظ على هذا النحو.
إسرائيل صعبة، نعم، ولكنها كانت إلى حد كبير عادلة - أكثر من أي دولة أخرى في المنطقة. إسرائيل، طالما أنها لم تُستفذ، فقد كانت أحدى الجيران اللائقين بشكل ملحوظ. ليس كل شيء على ما يرام حتى الآن - هناك مشاكل، وكانت هناك هجمات انتقامية وحشية لا يمكن وصفها من قبل عدد قليل من الإسرائيليين هنا وهناك. ولكن تلك كانت دائما استثناءات، وكانت تتم دائما أدانتهم و بشدة ومعاقبتهم من قبل الإسرائيليين، وليس الاحتفال أو التمجيد، كما هو الحال مع القيادة الفلسطينية.
نشطاء داعش يتواجدون بالفعل في شبه جزيرة سيناء، يخططون لكيفية السيطرة على مصر، مع اتجاه أنظارهم نحو ليبيا.
هل هذا حقا ما يريده الأوروبيين؟
بسام طويل كاتب في الشرق الأوسط