أفادت المنصات الإعلامية في الفترة الأخيرة أنّ القوات الإسرائيلية داهمت مزارع فلسطينية قريبة من مدينة الخليل في الضفة الغربية وصبت خرسانة على مصادر المياه منعاً للري الزراعي، إلا أنّ التقارير لم تذكر أنّ الاجراءات الإسرائيلية جاءت بسبب الحفر غير القانوني والسرقة وسوء استخدام الموارد المائية من قبل الفلسطينيين.
رداً على ذلك، أعلنت السلطات الإسرائيلية:
"بالأمس كانت هناك عملية تنفيذية في منطقة إدنا القريبة من الخليل حيث تم اغلاق أربعة آبار غير قانونية. تضر الآبار التي تم حفرها مخالفةً للاتفاق المؤقت {مع الفلسطينيين} بالاحتياطات المائية الطبيعية وتشكّل خطر التلوث على طبقة المياه الجوفية {المصدر الذي يوفر المياه للمجتمعات اليهودية والفلسطينية على حد سواء}. تم تنفيذ هده العملية بناءً على السلطة القضائية والبروتوكولات الموضوعة."
وفي أكتوبر 2021، ورد في تقرير صادر عن شركة "مراقبة المنظمات" (NGO Monitor):
"تبعاً لتقارير صادرة عن سلطة المياه الإسرائيلية (Israel Water Authority) في عامي 2018 و2019، فإنّ إسرائيل اكتشفت ما يقارب 140 حالة لقيام الفلسطينيين بحفر آبار غير قانونية في الضفة الغربية.
بالإضافة الى ذلك، كانت هناك 2500 حالة خلال هذين العامين اكتشفت فيها السلطات الإسرائيلية ارتباطات غير قانونية ومفصولة بالبنية التحتية المائية الموجودة."
احتوت "الارتباطات غير القانونية" على آبار وأنابيب في الضفة الغربية من أجل تحويل المياه الى مكان آخر، وبذلك سرقة المياه التي خصصتها إسرائيل للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء.
في عام 2018، اكتشفت السلطة المائية الإسرائيلية 77 حالة لقيام الفلسطينيين بحفر آبار غير قانونية في الضفة الغربية. وخلال نفس السنة، اعتقلت السلطات الإسرائيلية 25 فلسطينياً بسبب الاشتباه في سرقة المياه و1457 ارتباطاً غير قانوني ومفصولاً بشبكة المياه. وقيل إنّ بعض الفلسطينيين حفروا حفراً في شبكة المياه من أجل تحويل المياه.
وقالت سلطة المياه الإسرائيلية: "لو لا هذا النشاط {الذي قامت به السلطات الإسرائيلية}، لتعرضت امدادات المياه لاضطراب كبير." وفي السنة التالية، اكتشفت السلطات الإسرائيلية 58 بئراً غير قانوني إضافياً وصادرت عشر آليات خاصة بحفر الآبار.
تخالف أعمال الفلسطينيين "اتفاق المياه" الذي جاء في إطار الاتفاق الإسرائيلي-الفلسطيني المؤقت ("اتفاق أوسلو الثاني") المبرم في تاريخ 18 سبتمبر عام 1995 (راجع: المرفق الثالث، الملحق الأول، المادة 40)، الذي ينص على كيفية إدارة المياه في الضفة الغربية من قبل الجهات. ويمثل هذا الاتفاق اتفاقاً دولياً لم توقّع عليه إسرائيل والفلسطينيون فحسب، بل شهدت عليه الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والنرويج والأردن ومصر. وجاء في اتفاق أوسلو الثاني:
"ستقوم كل جهة بكل الإجراءات اللازمة لمنع الضرر بجودة مياه الموارد المائية وتعرضها للتلوث أو التردي."
تنفيذاً لالتزاماتهم، اتفق الإسرائيليون والفلسطينيون في عام 1995 على تأسيس لجنة مياه مشتركة من أجل التعامل مع كل القضايا المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، بما في ذلك حماية الموارد المائية، إلا أنّ السلطة الفلسطينية قررت مقاطعة اللجنة بعد بداية الانتفاضة الثانية في سبتمبر 2000.
بحسب تقرير صادر عن مراقب دولة إسرائيل (Israel State Comptroller) في عام 2017، فإنّ السلطة الفلسطينية منعت اللجنة من الاجتماع لمدة سبع سنين، حيث لاحظ التقرير أنّ الهدف وراء المقاطعة الفلسطينية كان عرقلة تطوير البنية التحتية المائية للمجتمعات الإسرائيلية في الضفة الغربية. بدلاً من ذلك، عرقلت المقاطعة الفلسطينية بشكل شديد تطوير البنية التحتية المائية للفلسطينيين ومنعت عدداً كبيراً من المشاريع، بما في ذلك عدة مرافق خاصة بمعالجة المخلفات.
وتقول شركة "مراقبة المنظمات":
"إنّ القرار لجعل القضايا البيئية رهينة للخلاف السياسي بين إسرائيل والفلسطينيين يضر بالبيئة وبالتالي يضر بالإسرائيليين والفلسطينيين في الضفة الغربية وإسرائيل على حد سواء، كما أنّه يعرضهم لخطر. ولا يضعف هذا القرار إطار أوسلو الذي يشجّع التعاون بين الجانبين فحسب، بل يقوم أيضاً بتسييس قضية بدلاً من إعطاء الأولية لصحة المدنيين وعافيتهم...
"على الرغم من التجميد الفلسطيني لأعمال {لجنة المياه المشتركة}، إلا أنّ إسرائيل سعت الى إعطاء الموافقة على مشاريع البنية التحتية الفلسطينية خارج هذا الإطار، وذلك تعاملاً مع الآثار البيئية الحادة لعدم توفر البنية التحتية الكافية من أجل إدارة المياه والصرف الصحي."
بيد أنّ إسرائيل التزمت بواجباتها المنصوص عليها في "اتفاق المياه"، خالف الفلسطينيون الاتفاق باستمرار، اذ وفرت إسرائيل ما يقارب 70 مليون متر مكعب من المياه للفلسطينيين في الضفة الغربية سنوياً، قبل مقاطعتهم للجنة المياه المشتركة، مع أنّ الاتفاق يخصّص كمية أصغر بكثير تبلغ 23,6 مليون متر مكعب من المياه للضفة الغربية سنوياً.
تقوم إسرائيل في الوقت الحالي بتزويد الفلسطينيين ب52 مليون متر مكعب من المياه سنوياً، وتتجاوز هذه الكمية بكثير الكمية الواجبة التي تبلغ 31 مليون متر مكعب بناءً على "اتفاق المياه"، ولكن الفلسطينيين يخالفون الاتفاق ويواصلون حفرهم لكثير من الآبار غير المرخصة. وبحلول عام 2012، اكتشفت السلطات الإسرائيلية ما يزيد عن 300 بئر فلسطيني غير مرخص.
كما لم يعالج الفلسطينيون مخلفاتهم التي تتدفق بحرية في الأنهار المتدفقة عبر الضفة الغربية وإسرائيل، مما يلوث البيئة وطبقة المياه الجوفية الجبلية لكل الناس.
ويخالف الفلسطينيون "اتفاق المياه" بما أنّهم لا يقومون بتنمية أي مصادر مائية جديدة إما من خلال معالجة المخلفات وإما من خلال تحلية المياه.
للأسف، يشكّل القول الذي يقول بأنّ إسرائيل تحرم الفلسطينيين من المياه في الضفة الغربية، اكذوبة أخرى هادفة الى الافتراء على إسرائيل وتشويه سمعتها. ان كانت هناك جهة ما تحرم الفلسطينيين من المياه، فتتمثل هذه الجهة في الفلسطينيين أنفسهم، ومن يقومون بحفر آبار غير قانونية ويلوثون البيئة على وجه التحديد. فكان الاغلاق الأخير لأربعة آبار غير قانونية في منطقة الخليل جزءاً من الجهود الإسرائيلية التي تسعى الى منع السرقة الفلسطينيين من سرقة المياه المخصصة للفلسطينيين.
خلافاً للمزاعم الفلسطينية الكاذبة، فإنّ الآبار لم يتم اغلاقها لأنّ إسرائيل تريد حرمانهم من المياه وطردهم من أرضهم، بل ينبغي أن يشكر الفلسطينيون إسرائيل على جهودها لمنع سرقة المياه. بدلاً من مقاطعة إسرائيل التي تحاول مساعدتهم في قضية المياه، ينبغي أن يتعاون الفلسطينيون مع إسرائيل من أجل مكافحة الحفر غير القانوني.
ويكون من الأفضل أن يفتح من يستغل قضية المياه من أجل تشويه سمعة إسرائيل عينيه على أعمال الفلسطينيين غير القانونية، بما في ذلك سرقة المياه. فلو التزمت السلطة الفلسطينية ب"اتفاق المياه"، لكان وضع الفلسطينيين أفضل بكثير. لو توقف الفلسطينيون عن سرقة المياه، لما كان هناك شح امدادات المياه الواصلة الى أي مدينة أو قرية أو مزرعة، ولكن الفلسطينيين الذين اختاروا مخالفة اتفاقهم مع إسرائيل، يوجهون اللوم لإسرائيل على أعمالهم غير القانونية.
بسام طويل هو مسلم عربي مقيم في الشرق الأوسط