من أسباب رفض القادة الفلسطينيين لإدانة مجزرة حماس المرتكبة بحق الإسرائيليين في تاريخ 7 أكتوبر هو علمهم بدعم الكثير من الفلسطينيين للفظائع التي ترتكبه الجماعة الإرهابية الفلسطينية المدعومة من قبل إيران.
على النقيض من إدارة بايدن والكثير من الأوروبيين، فإنّ هؤلاء القادة، بما في ذلك رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، على وعي كامل بالدعم المنتشر بين شعبهم لأي جماعة يكون هدفها قتل الإسرائيليين والقضاء على إسرائيل. بالإضافة الى ذلك، يعلم القادة الفلسطينيون بأنّ غالبية الفلسطينيين يعارضون الخرافة الغربية السخيفة التي تؤيد "حل الدولتين."
في منطقة مضطربة مثل الشرق الأوسط، لو سيطرت (على سبيل المثال) الدولة الإسلامية أو القاعدة أو الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي هي على وشك الحصول على القنابل النووية من أجل تهديد المنطقة وأوروبا والولايات المتحدة، على دولة فلسطينية كما سيطرت حماس على قطاع غزة عنوةً من خلال إخراج السلطة الفلسطينية في عام 2007، لكانت هذه الكيانات الإرهابية، وليس فنلندا أو الدنمارك، جيران إسرائيل المباشرين. وبغض النظر عن بلدك الأصلي، لن تسمح بذلك وينبغي ان لا تسمح بذلك.
اثبت استطلاع للرأي العام تم تشره في تاريخ 14 نوفمبر أنّ 75% من الفلسطينيين يدعمون مجزرة حماس، بما في ذلك الاغتصاب وقطع الرؤوس. في المقابل، يعبّر 13% فقط عن معارضتهم لهذه الأعمال.
وقام مركز العالم العربي للبحوث والتنمية بإجراء هذا الاستطلاع، حيث غطى الاستطلاع 668 مستجيباً عبر الضفة الغربية وقطاع غزة.
تبعاً للنتائج، فإنّ 59,3% من الفلسطينيين عبّروا عن "دعمهم الشديد" لأعمال حماس المرتكبة في تاريخ 7 أكتوبر، بينما قال 15,7% إنّهم يدعمون المجزرة "بعض الشيء". وعارضت نسبة أقل من 13% من الفلسطينيين المجزرة.
ومما يثير الدهشة أنّ الاستطلاع وجد أنّ نسبة الدعم لحماس و"عمليتها العسكرية" أعلى في الضفة الغربية التي يوجد فيها مقر السلطة الفلسطينية بقيادة عباس، من نسبة الدعم في قطاع غزة. وفي السنتين الماضيتين، شهدت الضفة الغربية التي تسيطر عليها القوات الأمنية الموالية لعباس، ظهور العديد من الجماعات الإرهابية التابعة لحماس وجماعة وكيلة إيرانية أخرى ألا وهي حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.
لم يفعل عباس شيئاً لقمع الإرهابيين الذين يتحملون المسؤولية عن هجمات لا تحصى على الإسرائيليين. للأسف هذه الضفة الغربية هي نفس الضفة الغربية التي تريد إدارة بايدن والاتحاد الأوروبي أن تقام فيها دولة فلسطينية. إذا دعم عدد كبير جداً من الفلسطينيين القاطنين في الضفة الغربية قتل الإسرائيليين وحركة حماس، فيكون من الأسلم أن نفترض أنّ "دولة فلسطينية" جديدة ستكون تحت سيطرة حماس أو جماعة إرهابية أخرى تعادي السامية وتسعى الى ارتكاب الإبادة الجماعية.
وأثبت الاستطلاع أنّ 68% من الفلسطينيين القاطنين في الضفة الغربية قالوا إنّهم "يدعمون بشدة" تقتيل الإسرائيليين، بينما قال 14,8% إنّهم يدعمون ذلك "بعض الشيء." بشكل كامل يعبّر 87,7% من الفلسطينيين القاطنين في الضفة الغربية عن رأي إيجابي في حماس، ويعبّر 10,2% فقط من الفلسطينيين القاطنين في الضفة الغربية عن رأي سلبي في حماس.
وهناك نتيجة أخرى من الاستطلاع تثير دهشة أقل، بما أنّ 80% من الفلسطينيين يرفضون حل "دولة واحدة" وحل "دولتين" على حد سواء، فبدلاً من ذلك، يطالبون بكل الأراضي بين نهر الأردن والبحر المتوسط: باختصار، كل دولة إسرائيل ضمن أي حدود.
تكسّر نتائج الاستطلاع ادعاء الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن (Antony Blinken) حيث قالا بأنّ حماس لا تمثل غالبية الفلسطينيين. للأسف تثبت نتائج الاستطلاع دون شك أنّ إدارة بايدن تجهل تماماً بالآراء المعادية لإسرائيل بين الغالبية العظمى من الفلسطينيين.
إنّ إرادة معظم الفلسطينيين لاستبدال إسرائيل بدولة إرهابية مدعومة من قبل إيران تثبت أيضاً أنّ إدارة بايدن والغالبية من الحكومات الأوروبية تشارك في خداع الذات الشديد عندما تتكلم عن الحاجة الى الترويج لفكرة "حل الدولتين."
وهذا ليس هو الاستطلاع الأول الذي يثبت أنّ غالبية الفلسطينيين يعارضون بشدة "حل الدولتين" ويدعمون الكفاح المسلح ضد إسرائيل. وهذا ليس هو الاستطلاع الأول الذي يثبت أنّ غالبية الفلسطينيين يفضلون حركة حماس وجماعات إرهابية أخرى على السلطة الفلسطينية.
قبل مجزرة حماس بشهر، نشر المركز الفلسطيني للبحوث والمسحية استطلاعاً أثبت أنّ 67% من الشعب الفلسطيني يعارضون فكرة "حل الدولتين"، مقابل دعم نسبة 32% لها، كما أثبت الاستطلاع أنّ غالبية قدرها 53% من الفلسطينيين يدعمون الكفاح المسلح ضد إسرائيل. قال 20% منهم إنّهم يدعمون المفاوضات مع إسرائيل، بينما عبّر 24% منهم عن دعمهم "للمقاومة الشعبية غير العنيفة." بالإضافة الى ذلك، أثبت الاستطلاع أنّه لو جرت انتخابات رئاسية جديدة آنذاك، لحصل قائد حماس إسماعيل هنية على 58% من الأصوات مقابل حصول عباس على 37% منها.
في الحقيقة لا تدهش نتائج الاستطلاعات من تابعوا الشؤون الفلسطينية بشكل دقيق على مر العقود القليلة الماضية، فينتج الدعم لحماس والإرهاب ضد إسرائيل مباشرةً عن حملة تحريض القادة والفصائل الفلسطينية على إسرائيل والتي استمرت لمدة عقود، والسلطة الفلسطينية وحماس من بين المحرضين.
لما يقول عباس لشعبه إنّ اليهود "يدنسون بأقدامهم القذرة" المسجد الأقصى في القدس، لا يكذب فحسب، بل يحرّض على قتل اليهود أيضاً. ويدفع عباس لقاتلي اليهود وعوائل القاتلين كفالة شهرية ضمن سياسة "الدفع مقابل القتل" التي تشكّل برنامجاً وظيفياً بمثابة "شركة القتل."
كشف تحليل نشرته جريدة "واشنطن بوست" (Washington Post) في عام 2017 أنّ مبلغاً قدره 160 ميلون دولار تم تسليمه الى 13000 مستفيد من مبادرة "مدفوعات الأسرى" (12307 دولارات لكل فرد)، كما تم تسليم مبلغ قدره 183 مليون دولار الى 33700 عائلة بشكل "مدفوعات الشهداء" (5430 دولاراً لكل عائلة) سنوياً. وقدّرت الجريدة أنّ مبلغاً قدره 36 مليون دولار من المجموع تم تسليمه الى أسرى يقضون عقوبة في السجن الإسرائيلي لمدة 20 سنة. وتم تسليم مبلغ قدره 10 ملايين دولار الى عائلات 200 انتحاري.
تجدر الإشارة الى أنّ حركة حماس سمّت مجزرتها "عملية طوفان الأقصى"، ومن المفترض ان يكون ذلك عبارة عن ردها على زيارات اليهود السلمية والروتينية الى جبل المعبد في القدس، حيث يجوز زيارة المناطق المفتوحة خارج المسجد على أساس التوافق. ادعت حركة حماس أنّ اسم المجزرة يعود الى ردها على "الانتهاكات الإسرائيلية" المزعومة في "باحات المسجد الأقصى المبارك." بالطبع لم تكن هناك أي "انتهاكات" من قبل اليهود، وانما كانت "جريمتهم" الوحيدة هي زياراتهم الى جبل المعبد بناءً على كل الاتفاقيات.
قال رئيس الإرهابيين في حركة حماس محمد ضيف وهو من العقول المدبرة لمجزرة 7 أكتوبر: " العدو {الإسرائيلي} دنس المسجد الأقصى وتجرأ على مسرى الرسول محمد." وأضاف في خطاب وجّهه الى الفلسطينيين:
"ابدؤوا بالزحف الآن نحو فلسطين، ولا تجعلوا حدوداً ولا أنظمة ولا قيودًا تحرمكم شرف الجهاد والمشاركة في تحرير المسجد الأقصى."
إنّ خطاب السلطة الفلسطينية وأعمالها تثبت أنّها تشارك حركة حماس في المسؤولية عن مجزرة 7 أكتوبر. ربّت السلطة الفلسطينية وحماس جيلاً كاملاً من الفلسطينيين على تمجيد الإرهاب ووجوب قتل اليهود والقضاء على إسرائيل. كيف يتكلم أي إنسان عاقل عن "حل الدولتين" عندما لا يرى غالبية الفلسطينيين ذنباً في حرق اليهود وقطع رؤوسهم واغتصابهم وخبز طفل يهودي في فرن حتى الموت؟
تؤكد نتائج الاستطلاع ما يعلم به معظم العرب والمسلمين، وذلك أنّ الحل الوحيد الذي يريد معظم الفلسطينيين ان يقبلوا به هو حل يؤدي الى قتل كل اليهود والقضاء على إسرائيل. يبقى علينا أن نرى ما إذا جعلت آخر المجازر الفلسطينية المرتكبة بحق اليهود إدارة بايدن والأوروبيين يدركون هذه الحقيقة المزعجة وغير المريحة.
بسام طويل هو مسلم عربي مقيم في الشرق الأوسط.