بينما يواصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما البحث عن اتفاق عن طريق التفاوض بشأن البرنامج النووي الإيراني، كان الإيرانييون يعملون بجد في الاسابيع الاخيرة من أجل إختراق الساحة الفلسطينية وإعادة تأسيس العلاقات مع حليفتهم السابقة، حماس.
على ما يبدو أن قادة إيران على ثقة بأن إدارة أوباما مستعدة لغض الطرف عن كل ما يفعلون، وهم يستمدون شجاعتها من حقيقه هوس أوباما بالمفاوضات النووية والتي من المقرر أن تستأنف الشهر المقبل.
وهكذا، فان الايرانيين على ما يبدو، لن يترددوا في التدخل مرة أخرى في الشؤون الداخلية للفلسطينيين، وذالك لتعزيز قبضتهم إلى حد أبعد في الشرق الأوسط.
مع امتلاكها قواعد في لبنان، سوريا، اليمن والعراق، تُحيط إيران بكافة الحقول النفطية في الخليج. هذا التطويق يمكن أن يكون مدعوم وبأريحية مع برنامج ايران للاسلحة النووية المقبلة.
هدف طهران الرئيسي هو استعادة السيطرة على حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية حتى تتمكن من تحويل نفسها إلى لاعب في الصراع العربي الإسرائيلي.
الايرانيون لديهم بالفعل حزب الله المتواجد على الحدود الشمالية لإسرائيل. كل ما يحتاجونه الآن هو مجموعة إرهابية أخرى في قطاع غزة في الجنوب، من أجل خلق تطويق مماثل. وأنهم يعملون بجد من أجل تحقيق هذا الهدف.
أصبحت العلاقات بين ايران وحماس متوترة بعد ان رفضت حماس دعم نظام بشار الأسد وكفاحه ضد قوى المعارضة السورية.
إيران وحماس بحاجة الى بعضهم البعض بشدة. ايران تريد حماس لأنها لا تملك العديد من الحلفاء السنيين في المنطقة. ان التحالف مع حماس سيمكن إيران من التخلص من الاتهام بأنها تقود قتال المعسكر الشيعي ضد السنة.
حماس، من جانبها،هي في أمس الحاجة إلى أي دعم خارجي، وخاصة في أعقاب زيادة عزلتها فى الساحتين الفلسطينية والدولية.
بدأت حماس أيضاً تواجه الإنتقادات من الداخل في ضوء فشلها في إعادة إعمار قطاع غزة بعد حرب الصيف الماضي مع إسرائيل. يأمل قادة حماس الآن أن تستأنف إيران مساعداتها المالية للحركة وتجنب أي وضع يجعل الفلسطينيين يثوروا ضدها.
إن إجراءات مصر الأمنية الصارمة على طول حدودها مع قطاع غزة، بما في ذلك هدم المئات من أنفاق التهريب وإنشاء منطقة أمنية عازله، قد ضيقت الخناق على حماس.
ويقول قادة حماس انهم اتخذوا قرارا "استراتيجيا" بغية إستعادة علاقاتهم مع إيران.
إسماعيل هنية، رئيس الوزراء السابق لحكومة حماس في قطاع غزة، أعلن مؤخرا أن حركته تعمل من اجل اقامة "علاقات مفتوحة" مع إيران.
زعيم آخر في حماس، أسامة حمدان، أعلن أن الخلافات بين حركته وإيران قد تم حلها. وقال أن حماس تقيم علاقات مع جميع الأطراف على أساس تقديم الدعم للقضية الفلسطينية. واضاف "اننا نرحب بأي طرف يدعم القضية الفلسطينية"، وقال حمدان. " أن العلاقات بين "حماس" وإيران عادت إلى طبيعتها العادية"
كجزء من جهود حماس لاسترضاء الإيرانيين، قام جناح الحركة الاسلامية المسلح، عز الدين القسام، بإصدار بيان نادر "شكر ايران لتوفير المال والأسلحة" لحماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية في قطاع غزة على مدى السنوات القليلة الماضية.
حماس تدرك أن تحسين العلاقات مع إيران يعني أيضا التقرب من عملاء طهران في حزب الله. ولهذا السبب اتخذت حماس عددا من الخطوات خلال الاسبوع الماضي بغية إستعادة علاقاتها مع حزب الله.
أرسل الأسبوع الماضي قائد عز الدين القسام، محمد ضيف رسالة تعزية الى امين عام حزب الله حسن نصر الله معزياً بوفاة بعض كبار عناصر حزب الله الذين قتلوا في غارة جوية اسرائيلية في سوريا.
في رسالته، دعا ضيف حزب الله للانضمام الى القوات مع حماس ضد "العدو الحقيقي - الكيان الصهيوني".
إن التقارب بين حماس وإيران هو دلالة أخرى لجهود طهران في استخدام حلفائها في الشرق الأوسط بغية تدمير إسرائيل. يامل قادة حماس الآن ان تستأنف ايران ليس المساعدات المالية للحركة فحسب، ولكن توريد الأسلحة كذلك.
إيران ليست مهتمة في إعادة إعمار قطاع غزة أو توفير المأوى لآلاف العائلات الفلسطينية التي فقدت منازلها خلال الحرب الأخيرة. الشيء الوحيد الذي يثير إهتمام إيران هو تحول حماس إلى جيش إيراني آخر حيث يمكن استخدامه لمهاجمة اسرائيل. هذا هو كل ما يحدث في الوقت الذي كانت فيه إدارة أوباما مشغولة في التحضير لجولة أخرى من المحادثات مع ايران بشأن برنامجها النووي. ومن الواضح الآن أن طهران تستخدم هذه المفاوضات لتحويل الانظارعن الجهود التي تبذلها لتعميق انخراطها في الشرق الأوسط، على أمل الاستيلاء على حقول النفط والقضاء على إسرائيل.