عندما أعطت الإمارات العربية المتحدة الأولوية للانتماء الوطني على الهواجس المتطرفة، أفضى بها هذا القرار فورا إلى السلام مع إسرائيل. في الصورة من اليسار إلى اليمين: وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة 'عبد الله بن زايد آل نهيان' ورئيس الوزراء الإسرائيلي 'بنيامين نتنياهو' ووزير خارجية البحرين 'عبد اللطيف الزياني' والرئيس الأمريكي 'دونالد ترامب' في البيت الأبيض أثناء توقيع 'اتفاقات أبراهام' (Abraham Accords) في 15 أيلول/سبتمبر 2020. (مصدر الصورة Saul Loeb/AFP عبر Getty Images) |
اتَّخذت الإمارات العربية المتحدة والبحرين خطوة جادة صوب الفكاك من سطوة الأغلال التي ترزح تحتها المنطقة بفعل أوهام الخلافة الجوفاء التي يرددها بعض المتطرفين وهم يحلمون بإبادة الشعب اليهودي في طريقهم لغزو العالم أجمع.
وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة قد بدأت مساعيها لاستئصال هذا الهراء قبل خمس سنوات. ففي عام 2015، سنَّت دولة الإمارات قانونا ضد التمييز الديني، وأنشأت وزارات للتسامح والسعادة والشباب من أجل إقامة مجتمع مستنير شامل للجميع. وفي العام التالي، بدأت المدارس في دولة الإمارات تعليم الطلاب السلام والتسامح.
وبحلول عام 2019، كنا قد وصلنا إلى درجة من الانفتاح جعلتنا نستقبل بصدر رحب عاما لا يُنسى في تاريخنا الوطني - وسميناه عام التسامح. وفي ذلك الوقت، أُعلن عن البدء في تأسيس بيت العائلة الإبراهيمية. ويضمُّ هذا البيت، في مكان واحد، كنيسا يهوديا وكنيسة مسيحية ومسجدا إسلاميا. وفي العام نفسه، قام 'البابا فرانسيس' بزيارة تاريخية إلى الإمارات العربية، أُقيم خلالها في الاستاد الرياضي بالعاصمة أبوظبي أول قداس بابوي تشهده المدينة، وحضره ما يقرب من 180,000 شخص.
وعندما أعطت الإمارات العربية المتحدة الأولوية للانتماء الوطني على الهواجس المتطرفة، أفضى بها هذا القرار فورا إلى السلام مع إسرائيل.
فمن كان يتصوَّر أنَّ دولة صغيرة مثل الإمارات العربية المتحدة، بعدد مواطنيها الذي لا يتجاوز 1.4 مليون مواطن، وبحجمها الذي لا يكاد يزيد عن ظفر في قبضة منطقة الشرق الأوسط، ستكون هي الدولة التي ستبادر بكل وضوح إلى اتخاذ هذا الموقف الإيجابي. وربما تكون هذه الخطوة قد أسفرت عن انقسام حاد، ولكننا كنا بأمس الحاجة إلى ذلك. فالمشاعر الفلسطينية مهمة، ولكنَّها ليست مقدسة. وسيكون من المحزن أن يختار الفلسطينيون التخلُّف عن الركب.
وفي السياق الأوسع، فإن ما لا يراه من ينظرون إلى الشرق الأوسط من خارجه هو مقدار التديُّن الذي يعم ربوع العالم العربي. فالتديُّن منظور هام ولازم لتقييم الأوضاع في الشرق الأوسط. فالصراع العربي الإسرائيلي في جوهره معادٍ للسامية. فحين قرَّرت إسرائيل أن تنضم إلى جيرانها بصفة رسمية، أصابت العرب لوثة من الأوهام رغم أنَّ اليهود ظلوا يعيشون في المنطقة طيلة ما يزيد على ثلاثة آلاف عام. والواقع أنَّ مملكة يهودا سُميَّت على اسم اليهود. وكان البابليون هم أوَّل من حاول تغيير هذه "الحقائق على الأرض"، وتلاهم في ذلك الرومان القدماء. ورفض العرب خطة التقسيم التي طرحتها الأمم المتحدة، وبدؤوا في نشر نظريات المؤامرة التي تصور الإسرائيليين على أنهم شياطين. وقوبلت هجرة اليهود المستمرة، هربا من فظائع غرف الغاز وأملا في التمام شملهم عند حائط المبكى، بإنكار تام من العرب لوقوع المحرقة. وتضرب معاداة السامية التي أبداها العرب جذورها في تاريخ طويل من الكراهية التي تناقلتها الأجيال. فقد كان وجود اليهود في الماضي مقبولا، ولكن على أنَّهم جيران أدنى منزلة، وليسوا جيرانا متمتعين بكامل حقوقهم.
وأملي الوحيد كمواطنة إماراتية أن نصبح نورا يهتدي به العالم. لأنَّ ذلك يمكن أن يجعل المنطقة بأكملها - وحياة الجميع، بما في ذلك حياة الفلسطينيين - أفضل إلى درجة قد لا يمكننا أن نتخيلها الآن.
'سارة النعيمي' مواطنة إماراتية تعيش في أبو ظبي. تابعوها على تويتر @saranuaimi.