ماجد عكاشة هو كاتب مقالات فرنسي شاب وُلد ونشأ في فرنسا التي صار يصعب عليه التعرف عليها عاما بعد عام، بمعنى اختلفت عليه . هو "مسلم سابق ولكن وطني للأبد" كما يحب أحيانا وصف نفسه، وهو مؤلف كتاب باللغة الفرنسية عنوانه الحرفي "في يوم ما كان هناك إسلام،" الذي سوف تصدر ترجمته الانجليزية قريبا باللغة الإنجليزية تحت عنوان مختلف. والكتاب نقد منهجي، دونما إصدار أحكام قيمية، للقوانين القرآنية التي تتصف بأكبر قدر من التناقض أو من غياب التناسق والانسجام، وتتصف بعدم الدقة
غريغوار كانلورب: هل يمكن أن تبدأ بالحديث عن ظروف ودوافع تخليك عن الإسلام - وقرارك أن تُمسك بقلمك لكشف طبيعة دينك السابق للناس بوجه عام؟
ماجد عكاشة: مثل كل الفرنسيين الذين ولدوا ونشأوا في فرنسا في أواخر القرن العشرين، كنت ومازلت محظوظا لأنني أنتمي إلى أمة مسالمة سمحت لي بالتمتع بالحقوق والحريات التي لم اضطر على الإطلاق إلى أن أقاتل شخصيا من أجلها. منحني أبواي، وهما مواطنان فرنسيان من أصل جزائري دينهما الإسلام، تعليما دينيا، بهدف أن أكون مسلما مخلصا متدينا. كما أنهما وفرا لي تربية مدنية واجتماعية وأخلاقية أساسها احترام فرنسا وقيمها، على النحو المنصوص عليه في شعارها "الحرية والمساواة والإخاء".
بدأت الذهاب إلى المسجد في سن الثامنة. الإمام الأول الذي علمني، والذي جاء من بلد أجنبي، كان يمتاز بلكنة فرنسية مثالية، وبابتسامة مرحة كبيرة، وكان حريصا دائما على ألا يعطي أوامر لطلابه خارج جدران المسجد. الدورات أو المقررات الدراسية التي أخذتها قادتني وبسرعة إلى أن أرى ما كنت اعتقد أنه نعمة – وهو أنني ولدت مؤمنا بالدين القادر على انقاذي من الجحيم، وهو الإيمان الذي، وفقا للقرآن، لن ينقذ إلا المسلمين فقط – سوف يصبح أيضا عبئا ثقيلا دائما.
عندما يكون المرء مسلما، كل عمل تافه من أعمال الحياة اليومية سوف يُدون ويُكتب ويحاسب عليه، بدءا من كيفية شرب كوب من الماء عند الاستيقاظ حتى كيفية الذهاب إلى السرير. خضعت واستسلمت لله لتجنب عذاب غضبه في الآخرة؛ أطعت الطقوس والشعائر المقننة التي بدت في بعض الأحيان مضيعة للوقت أو مجرد هراء. اعتاد أصدقائي من غير المسلمين على الاستماع لي وأن اقول لهم ينبغي علي أن أتوقف عن لعب كرة القدم أو لعب الكوتشينة أو الورق من أجل الذهاب إلى المسجد. هناك، تعلمت أساسا كيفية أداء الصلوات الخمس التي على كل مسلم القيام بها كل يوم، فضلا عن اتباع القواعد والسنن السلوكية التي لا نهاية لها والتي كان ينظر إليها بوصفها مكارم الأخلاق والفضائل بناء على الصورة الرومانسية للرسول محمد.
ورغم أنني كنت في وسط قطيع منسجم موحد – غارق في التقليد الأعمى لصورة مثالية أو تصور بعيد المنال يفرض التزامات ومحظورات، أوامر ونواهي- لم أكن خائفا من طرح أسئلة "صعبة."
- "لماذا في القانون القرآني ينبغي قطع يد السارق (سورة 5، آية 38)، لا يقول الله أي يد ينبغي أن تُقطع (اليمنى أم اليسرى)؟ لماذا لم يحدد القيمة الأدنى للسرقة التي لابد من قطع يد السارق فيها؟ سرقة تفاحة لأول مرة في حياة المرء، هل حقا تستحق أن قطع اليد؟ ولماذا لم يحدد الله العمر الأدنى للسارق الذي ينبغي قطع يده؟ هل مسؤولية صبي يبلغ من العمر 12 عاما ولم يسرق من قبل تكافيء مسؤولية راشد يبلغ من العمر 40 عاما تكرر قيامه بجريمة السرقة؟"
- "لماذا ينبغي على المرء أن يطوف سبع مرات حول الحجر الأسود أثناء الحج ولا يطوف ست أو ثمانية مرات؟"
- "يقول النبي محمد في سنته، أن مرور المرأة والكلب الأسود والحمار أمام مسلم يصلي تفسد وتبطل صلاته؛ ولكن، كما جرت العادة في السنة، يصدر محمد حكما دون أن يوضح لماذا يجب أن يكون الأمر بهذه الطريقة. لشخص لا يؤمن بالإسلام، مثل هذا الحكم أوالقول يبدو وكأنه خرافة. لماذا لا يعطي تفسيرا عقليا، بدلا من مجرد إصدار حكما عقائديا؟ وإذا كان الله نفسه هو الذي أوحى له بهذا الأمر، لماذا لم يصبح الحديث الذي يذكر هذه القصة النبوية آية من آيات القرآن الكريم؟ من المفترض أن القرآن هو رسائل من الله على النبي محمد أن ينقلها إلى معاصريه لإطلاعهم عما يتوقعه خالقهم منهم. إذا مرت امرأة على بعد كيلومتر واحد من شخص يصلي، هي تبطل صلاته في هذه الحالة؟ ما هي المسافة القصوى التي تبطل معها الصلاة تماما؟ "
"تأثير الدومينو" المنطقي لهذه الأسئلة ليس سوى جزء صغير من العديد من الأفكار التي يمكن، بل ويجب، أن تُبقي على ذهن المرء يقظا متأهبا - بعيدا عن التلقين المشدد الذي يستحيل معه الشك. لم أسمع على الإطلاق إجابات مرضية لحدود هذا الإسلام الممتليء بالأحكام والقوانين الذي تعهدت دائما بإتباعها، لذلك قررت أن أبحث عنها مباشرة عند الله نفسه. قبل دخول الجامعة بقليل، حاولت أن أفهم الإسلام من وجهة نظر غير منحازة، بدلا من تعلمه واتباعه بوصفي مؤمن لا يشك ولا يتسائل.
كنت قد قررت قراءة كامل القرآن، من أول إلى آخر جملة أو سورة، وتسجيل الانطباعات، والشكوك، والأسئلة في جهاز كمبيوتر محمول. قراءة القرآن بهذه الطريقة لم تجبرني وتدفعني فقط للاعتراف بأن القوانين والعقائد الإسلامية كلها تقريبا ليس لها أساس علمي أو عقلاني أو منطقي، لكنها شددت أيضا على أن الإسلام، في ظل مؤسسه، كان دينا معاديا للنساء، يدعو إلى ويفرض العبودية، وعدوا لحرية الفكر. وسقطت وتهاويت. ثقتي في ما كان على حد سواء واضح وغير ملموس خدعتني كل هذا الوقت. إن القيم التحررية وقيم المساواة التي تتمسك بها فرنسا العلمانية والإنسانية - والتي تعلمت أن أحبها واحترمها – هي التي أعطتني القوة لرفض الاستسلام للخوف من الابتزاز الذي كان يأتي في صورة الجحيم الأبدي.
أكد كفري بالإسلام خوفي القديم من أنني يوما ما سوف أرى الشعب الفرنسي يفقد كل تلك الحريات ويفقد أسلوب حياته الذي جعل فرنسا محبوبة ومحسودة في جميع أرجاء العالم. لا ينبغي بالضرورة أن تبدأ أو تنتهي كل الثورات بحمامات الدماء. في الديمقراطية، تستطيع الأغلبية أن تقوم بثورة أو توقف ثورة، دونما فوضى أو حرب. اليوم الذي سوف تصوت فيه الأغلبية الإسلامية في فرنسا لرئيس وأعضاء برلمان قادرين على أن يحددوا لنا جميعا ما يفصل الحق عن الباطل، والخير عن الشر والعادل والنزيه عن غير العادل، ما الذي سيبقى لنا من خيارات عندئذ؟
لا يمكنك الهروب من المشاكل إلى أجل غير مسمى. عليك محاربتها في وقت ما. ينبغي علي إقناع الحد الأقصى من المعاصرين بأن الإسلام يشكل تهديدا لحقوقنا وحرياتنا الفردية، واخترت القتال بالكلمات، لأن الاتصال (من خلال الكتابة والكلام) هو السلاح الذي يعطيني قوتي. أنا، بقدر ما أعرف، المؤلف الوحيد الذي قدم دراسة نقدية شاملة للجوانب القانونية والفقهية الرئيسية للإسلام، من خلال تناول أخطاء فنية تشوب القوانين ولكن بدون إبداء أي حكم أخلاقي أو قيمي. ولأنه ليس لدي أي محرمات تعاملت مع موضوعات متفجرة: العبودية، الاشتهاء والاعتداء الجنسي على الأطفال، تجريم حرية الضمير والأخلاق والقيم ... وأعتقد أن هذا هو الأسلوب الأكثر فعالية لإثبات ظلامية وغموض وخطر الإسلام لأوسع وأكبر جمهور ممكن: فهو تشريع عالمي لا يمكنه التعايش مع من يخالفه فكرا وأفرادا وثقافات.
غريغوار كانلورب: هذه النظرة الموضوعية للحدود التقنية للقوانين القرآنية تبدو نادرة. هل من الممكن أن تقوم بنفس العمل مع الكتب الدينية المسيحية أو اليهودية؟
ماجد عكاشة: بالنسبة للمسلمين، كل جملة في القرآن هي حكاية مؤلفها هو الله نفسه، خالق العالم، القادر على كل شيء، إله كلي العلم والكمال. هذا الله يعلن العديد من القوانين العالمية الصارمة التي لا يحدها مكان أو زمان.
هذه القاعدة أو هذا الأساس يجعل تحليل القرآن أبسط بكثير من تحليل بعض النصوص المقدسة اليهودية أو المسيحية. التلمود يستشهد بالروايات الأصلية والتفسيرات التي قام بها البشر. والأمر متروك ليهود اليوم كي يقرروا ما إذا كان عليهم الالتزام بها أو التشكك فيها. يمكننا أن نقول الشيء نفسه عن العهد الجديد، الذي هو عزيز على المسيحيين.
اليوم، البلدان التي يعيش المرء فيها على أفضل صورة وحال، خاصة إذا كان إمرأة أو مفكرا حرا، هي الدول على وجه التحديد ذات الأصول والجذور المسيحية واليهودية: فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل واستراليا وانكلترا ... هذه البلدان إنما تدافع أكثر من أي بلد مسلم عن الحريات الفردية للأضعف من الناس ولأكبر مساحة وتنوع من الناس. وإذا أراد مسلم أن ينتقد آية أو فقرة تعبر بصراحة عن إزدراء وكراهية النساء في الكتاب المقدس أو التوراة على سبيل المثال، فهو خير له!
أحكم على الشجرة من ثمرها. بالنسبة لي، فإن نقد المسيحية أو اليهودية لن يكون سوى هواية فكرية. إلا أن نقد الإسلام هو مسؤولية سياسية لأن "شجرة المعرفة" تلك يبدو أنها إنما تؤدي إلى الفوضى أينما تتأصل جذورها. في فرنسا، أينما تكون المسيحية واليهودية هي القوة الثقافية السائدة، يمكن للمرأة أن تتجول بسلام أكثر من أي مكان آخر، ويستطيع المفكرون من أمثالي أن يكفروا ويعلنوا عن كفرهم بحرية. هل سمعت عن مسيحي أو يهودي سابق في القرن ال21 يضطر للاختباء لأنه انتقد دينه السابق؟
غريغوار كانلورب: أنت تصر على تذكير الجميع بتفشي أسلمة ديموغرافية الشعب الفرنسي، وأن قدرة المسلمين يوما ما على أن يصبحوا أغلبية الناخبين إنما يُعرض فرنسا لخطر الأسلمة. ومع ذلك، فإن غالبية المسلمين الذين يعيشون هناك اليوم يبدو أنهم يمارسون شعائرهم الدينية بطريقة معتدلة ومتسامحة وسلمية.
ماجد عكاشة: إن أنت أجريت مقابلات فردية مع المسلمين الفرنسيين واحدا تلو الآخر أمام الكاميرا، فإن الغالبية الساحقة منهم سوف تتكلم بكل احترام وفخر عن الشعارات التي تعزز حقوق الإنسان. وسوف يتحدثون عن الحرية والمساواة والسلام. تعلن غالبية المسلمين الفرنسيين وبشكل عام عن طبيعتها السلمية، ولكن لا يزال الإسلام هو القاسم المشترك الثقافي لجميع الفرنسيين الذين قالوا لي أن رسامي الكاريكاتير بتشارلي ابدو الذين قتلوا خلال مذبحة 7 يناير 2015، "هم الذين جلبوها لأنفسهم وسعوا إليها."
موضوع آخر: تسمح الآية 34 من سورة 4 من القرآن للرجال بضرب زوجاتهم – اللواتي يخشى الزوج من عصيانهن. عموما، عندما أتحدث مع مسلم يقول لي أنه، وفقا للقرآن، النساء لسن بكائنات أقل شأنا من الرجال، أتسائل: "هل تحرم الآية 34 من سورة 4 من القرآن أم تسمح بضرب الزوجة الناشز أو العاصية؟" بقدر ما أستطيع أن أتذكر، لم يجب أي مسلم بأن هذه الآية تمنع أو تحرم على المسلمين ضرب الزوجة الناشز. لم أجد سوى محاولات لتقليل أو إخفاء أهمية هذا الأمر.
أنا لا أستطيع أن أحصي عدد المسلمين الذين قالوا لي أنه ينبغي على الأزواج المسلمين ضرب زوجاتهم برفق أو ضربهن بعصا خشبية صغيرة مثل المسواك (غصين تنظيف الأسنان). يمنع القانون الفرنسي ضرب الزوجة "العاصية أو الناشز." إن ضرب الزوجة "الناشز" "برفق" يظل ضربا ويظل مهينا لكرامتها.
بغض النظر عما يقوله مسلمو فرنسا- وهم ممزقون بين القيم والمباديء الثقافية الغربية من جهة والقرآن من جهة أخرى- فأغلبية المسلمين يشعرون بأنهم أقرب إلى المسلم المتشدد ويودون التمسك بمنطوق وكلمات قوانين القرآن منهم إلى غير المسلم الذي يجهل أوينكر القرآن. هناك أحاديث وخطب تُقال وهناك وقائع. عندما يحكم البلد المسلم حاكم مسلم متشدد أو متطرف، لا تقم ثورة تُطيح به لصالح حاكم يؤيد ويدعم حقوق الإنسان. لقد كان محمد مرسي الإسلامي المتشدد ضحية إنقلاب عسكري، لم يكن سقوطه على يد ثورة شعبية. عندما تقع الثورات الشعبية في العالم الإسلامي، فهي تُطيح بالدكتاتوريين والطغاة المستغربين (يخطون خطى الغرب)، مثل معمر القذافي في ليبيا وبن علي في تونس.
لا يتحقق السلام بالإدعاءات، وإنما بالأفعال. إن أسوأ الأماكن للعيش في العالم عندما يكون المرء ملحدا أو إمرأة هي بالتحديد البلدان التي يكون فيها الإسلام القوة الثقافية المسيطرة والمهيمنة. تتحول المجتمعات المسلمة إلى مجتمعات دكتاتورية وسلطوية وقمعية وقسرية بسبب الطبيعة الإلهية المقدسة التي يمنحها المسلمون إلى القرآن، والذي هو بالأساس يؤيد العبودية ويحتقر ويكره المرأة ويعادي ويدمر الحرية.
غريغوار كانلورب: عندما يتعلق الأمر بفهم الأسلمة الزاحفة بمعنى أسلمة قوانين وأعراف اليمقراطية الفرنسية، ما الذي تراه من أعراض الهيمنة الإسلامية في المقام الأول؟
ماجد عكاشة: بعيدا عن الخطب السياسية، ينبغي عليك فقط أن تستمع للناس وهم يصفون المشاكل التي لم تكن موجودة في فرنسا منذ خمسين عاما فقط، إلا أنها أصبحت تتزايد ويتكرر حدوثها. معظم المسؤولين المحليين الذين يخطبون ود أصوات المسلمين في الانتخابات المحلية إنما كانوا ينتهكون مبدأ الفصل التام بين الدين والدولة، العلمانية، والذي هو لا يزال في فرنسا أساس ميثاق الاستقرار بين المواطنين من ذوي الثقافات المختلفة. المساجد تظهر في كل مكان، في كثير من الأحيان بأموال دافعي الضرائب في فرنسا. أصبحت شجرة عيد الميلاد التي كان من المعتاد أن أراها في طفولتي هناك في مدرسة رياض الأطفال التي كنت أذهب إليها، أصبحت اليوم تؤذي الإيمان الديني لبعض الناس، وأدعك تخمن من هم.
واليوم أيضا، المسيحيون، والملحدون، واللاأدريون من الفرنسيين، من الذين يتناولون الطعام أو يشربون في الطرقات والشوارع خلال شهر رمضان، يمكن أن يعترضهم البعض، وأحيانا بعنف، بدعوى أنهم يظهرون عدم احترام لمشاعر المسلمين، عندما يقدمون على تناول شطيرة أو شراب في الأماكن العامة في وضح النهار. على المسلمين الذين يدعون أنهم دعاة سلام وجمهوريين أن يطهروا صفوفهم أولا، على الأقل بالإقدام على الاعتراف بأن بعض المشاكل إنما تأتي بشكل منتظم تقريبا من أناس يدعون نفس الانتماء الديني. لم أسمع أبدا أن فرنسيا كان قد اشتكى من أو استهجن استخدام الهاتف أو قيادة المركبات يوم السبت.
في الوقت الحاضر، في فرنسا، عندما نقترب من قضية الأسلمة في ضوء ما تعلمناه من تجاربنا السابقة، يمكن للمرء أن يلاحظ بوضوح أنه في الأحياء التي كان الإسلام فيها هو القوة الثقافية المهيمنة لعدة أجيال، لا وجود "للعيش معا في وئام." عندما يهيمن الإسلام على بعض مناطق فرنسا من التي لم يتم أسلمتها كثيرا، فإن الغالبية من غير المسلمين الذين لديهم ما يكفي من وسائل وقدرة مالية قد لاذوا بالفرار.
السياسيون الفرنسيون الذين يحكموننا حاليا ليس لديهم مصلحة في الاعتراف بهذه الخلافات أو حلها. طريقة "فرق تسد"، وتأليب الناس ضد بعضهم البعض في الانتخابات يسمح لهؤلاء المسؤولين ويساعدهم على الحفاظ على مواقعهم. وهي حيل تحول أيضا انتباه الفرنسيين بعيدا عن الفشل في حل الأزمة الاقتصادية.
غريغوار كانلورب: المذهبيون ورؤساء الدول في العالم الإسلامي في كثير من الأحيان إنما يعرضون الإسلام بوصفه الحل في مواجهة الانحلال المادي الذي يرون أنه يقود الحضارة الغربية إلى موتها. كتب سيد قطب، المرشد الروحي لأسامة بن لادن، في عام 1964، في كتابه معالم على الطريق:
"البشرية اليوم على حافة الهاوية ... والعالم الغربي يدرك أن الحضارة الغربية غير قادرة على تقديم أي قيم سليمة لتوجيه البشرية ... الإسلام هو النظام الوحيد الذي يمتلك هذه القيم وطريقة الحياة تلك."
كيف تردون على هذا الاتهام بالإباحية والنزعة الاستهلاكية والفردية في المجتمعات الغربية؟
ماجد عكاشة: في بعض الأحيان يتكون لدي انطباع بأن قادتنا لا يشعرون بالعار وهم يدافعون عن أهدافهم الأخلاقية بوسائل غير أخلاقية. فتحت ذريعة محاربة "التطرف الإسلامي"، على سبيل المثال، فإن العديد من السياسيين لدينا يودون من العلمانية الفرنسية أن تفسح المجال لنظام يعترف قانونيا واجتماعيا بنسخة للإسلام، "تسيطر عليها الدولة" تُعلي السلطات العامة من شأنها وتروج لها وتمولها.
الإسلام الوحيد الذي يمكن أن تعترف الدولة الفرنسية الحالية به سوف يكون من الواضح دينا يُعرفه مؤسسه، الرسول محمد، بأنه دين مسالم ومتسامح. المسلمون يتزايدون في فرنسا ويمثلون وزنا انتخابيا، لذا إذا أخذنا في الاعتبار الرأي العام، فإن اعترافنا بأنهم يعبدون إلها إن رأى أنك لا تؤمن بالإسلام اعتبر ذلك جريمة من شأنها أن تقذف بك في الجحيم الحارق إلى الأبد، مثل هذا الاعتراف سوف يكون بمثابة قنبلة تنطلق دون داع ولا هدف وإنما تدمر وتخلق حالة من الفوضى.
فرنسا وغيرها من الدول في الغرب هم وبشكل متزايد ضحايا مفارقة ساخرة قاسية، حيث يتم استغلال قيمهم ومبادئهم المؤسسة ضدهم. أنا مدافع عن حرية العقيدة والمساواة بين جميع البشر، بغض النظر عن الجنس أو لون البشرة أو الدين. ولكن أنا لا أريد من الحفاظ على هذه المثل العليا والدفاع عنها أن يتطلب ويستلزم أن تمتلأ كتب المدارس العامة التي يقرأها الأطفال الفرنسيون بالدعاية ضد الإسلاموفوبيا (كراهية الإسلام).
وسائل الإعلام والنظم السياسية، القادرة على كل شيئ في فرنسا، يصعب عليها إنكار الحقائق المزعجة. ولكن يبدو أنها تفضل الكذب والمزيد من الكذب. بالأمس، قيل لنا أن "غزو المهاجرين المسلمين هو خيال يميني متطرف." اليوم، نسمع أنه "على أي حال، هم هناك بشكل دائم، لا نستطيع أن نفعل شيئا لأن هناك الآن الكثير جدا منهم، لذا علينا أن نحسن التعامل معهم من أجل تجنب حرباً أهلية."
ليس لدي الرغبة في تقديم تنازلات سياسية للسياسيين الإسلاميين الذين يقدسون كتابا يرسخ العبودية ويؤيدها ويكره ويحتقر النساء ويجرم حرية المعتقد. من جانبي أنا أفضل وأؤيد فردية المثل الفكرية والقيم الأخلاقية للحضارة الغربية الحديثة على النظام الإسلامي أو منظومة "الأخوة الكبرى." أنا أفضل حرية ممارسة الجنس قبل الزواج؛ حرية عدم الإيمان بأي دين وحرية تغيير الدين، وحرية السخرية من الجبارين، ويشمل ذلك السخرية من الجبارين الأبديين في دين الإسلام (مثل الله ومحمد).
غريغوار كانلورب: يبدو أن الإسلام يتشكك في هذا النوع من الحريات التي نشعر أنها تقوي مجتمعنا. الإسلام يشبه الدولة التي حولت مواطنيها إلى عبيد للنظام الشمولي، ولكن تبع ذلك الاستعانة بقوة رابطة الدم وقوة الترابط القائم على قتل الآخرين. على المدى الطويل، لم يحقق لينين وهتلر وموسوليني في مشاريعهم الاستبدادية ما حققه محمد من نجاح. كيف تفسرون أن الإسلام قد تمكن من فرض نفسه في وجه المجتمعات الغربية لأكثر من ألف سنة، بينما انهارت الأنظمة الفاشية والأنظمة السوفيتية في أقل من قرن من الزمان؟
ماجد عكاشة: كانت كل من النازية والشيوعية الشمولية في الاتحاد السوفياتي تحت قيادة رجال غير معصومين يتعرضون للهزائم العسكرية والخيانات التي لم يتمكنوا من التنبؤ بها وضبطها، وفي نهاية المطاف تعرضوا للموت. الإسلام هو الشمولية التي يرأسها الإله الأبدي، الذي لا يمكن أن يُهزم أو يخضع، من وجهة نظر المسلمين، القرآن كتبه الله الكامل والقاهر والعليم أو كلي العلم، الذي يفرض، بوصفه صاحب قوة وسلطة التشريع السامية العليا، قوانين صالحة لكل زمان ومكان- حتى يوم القيامة. الإسلام هو الشمولية الأكثر كفاءة وقدرة في العالم: من المستحيل التغلب على إله الإسلام الذي لا وجود له. ما لا وجود له لا يمكن أن يخسر ولا يمكن أن يموت.
غريغوار كانلورب: شكرا لك على وقتك. هل ترغب في إضافة أي شيء آخر؟
ماجد عكاشة: ما يهمني أكثر من أي شيء آخر هو حرية الفكر، تلك التي يجرمها القرآن، الذي يُرسل إلى الجحيم الأبدي كل أولئك الناس من غير المسلمين. طبيعة أي بلد إنما يحددها الناس الذين يعيشون بها، وأسلمة فرنسا هي حقيقة يقل عدد من ينكرها يوما بعد يوم. أنا لست ساذجا: على أساس من إحصاءات الولادة والهجرة سوف يصبح الإسلام هو دين الأغلبية في فرنسا.
أدعو الشعب الفرنسي أن يحكم على شجرة الإسلام على أساس من الثمرة التي تنتجها في الواقع. أينما يهيمن الإسلام ثقافيا، لن تجد سوى صراعات بين الثقافات؛ ونساء يشعرن بالذنب لأنهن جميلات وجذابات واللاتي يتم التعامل معهن بوصفهن ناقصات عقل ودين ويُساء إليهن؛ وفوق كل شيء، انقراض مستمر للإبداع والخيال. القلة النادرة من الفنانين والعلماء في العالم الإسلامي الذين تمكنوا من التفوق والتميز وعرف عنهم العالم بأسره كلهم تلقوا تعليما غربيا، يعلو كثيرا على الفرص التى كان وطنهم قادرا على منحها لهم، حيث أن الأخيرة لا تعطي أي إمكانية للتميز.
لم يعد الفرنسيون، الذين يخشون من أسلمة فرنسا من خلال السياسة أو الحرب، قادرون على التزام الصمت. الوضع حرج. يجب علينا أن نتكلم وأن نفعل. اليوم الذي تصبح فيه فرنسا دولة مسلمة، سيكون من المستحيل تقريبا التراجع أو العودة للماضي. أولئك الذين ينتظرون سرا ويحلمون ويتمنون من وراء الأبواب المغلقة، وهم لا يفعلون شيئا، لا يحق لهم الشكوى عندما يصبح حقهم في التزام الصمت واجبا عليهم.
ماجد عكاشة، مؤلف كتاب "كان هناك دين اسمه الإسلام" ... يود أن يشكر شركات مثل غوغل وتويتر، والتي تتيح لأكبر عدد من الناس أدوات مجانية تعزز تنوع الآراء وحرية التعبير بطريقة لم تستطع وسائل الإعلام الفرنسية القيام بها.. https://twitter.com/MajidOukacha
غريغوار كانلورب: صحفي، يعيش حاليا في باريس. بينما يتعاون حاليا مع الكاتب الشهير هوارد بلوم، أجرى العديد من المقابلات لمجلات مثل الرجل والاقتصاد، التي أسسها الحائز على جائزة نوبل الاقتصادي رونالد كوس، ومؤسسات البحث وحل المشاكل مثل معهد ميزس. الاتصال: gregoire.canlorbe@wanadoo.fr