بالإضافة الى زيادة مستوى اليورانيوم المخصب حتى أنّه بلغ ما يقارب مستوى صنع الأسلحة النووية، وتوفير المساعدة في تمويل وتخطيط حرب إبادة جماعية ضد إسرائيل، والهجوم على الجنود الأمريكان في سوريا والعراق من خلال ميليشياته أكثر من 100 مرة اثناء الشهرين الماضيين فقط في محاولة اخراج الولايات المتحدة من المنطقة، وتعريض مواطنيه للمحاكمات الزائفة وتعذيبهم (بما في ذلك الأطفال) واعدامهم، يقوم النظام الإيراني بتنظيم عمليات اغتيال تستهدف افراداً، وخاصة من يُعتبرون المعارضين للمنظومة الدينية التابعة للملالي الحاكمين.
في الفترة لأخيرة أحطبت السلطات القبرصية خطة إيرانية ساعية الى اغتيال التجار الإسرائيليين في البلد، فاعتقلت الشرطة القبرصية طالبين إيرانيين للجوء كانا على التواصل مع إيراني آخر مرتبط بالحرس الثوري الإيراني، وذلك تبعاً لما افاد به مسؤول قبرصي في تاريخ 19 ديسمبر 2023. أوضح المسؤول أنّ اعتقال المشتبه بهم جاء نتيجة عملية التعاون مع موساد وهي الجهاز الأمني الإسرائيلي. وورد في بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي نيابةً عن موساد أنّ استخدام إيران لقبرص الشمالية التي تحتلها تركيا، في سبيل "الغايات الإرهابية" و"كمنطقة النشاط والعبور من أجل الهجوم على الأهداف الإسرائيلية واليهودية"، يثير الكثير من القلق.
وهذه ليست المرة الأولى التي خطط فيها النظام الإيراني لقتل الإسرائيليين في قبرص، فإنّ هذه المحاولة هي الحالة الثالثة المسجلة لخطة إيرانية ساعية الى استهداف الإسرائيليين واليهود في قبرص خلال سنة واحدة تقريباً. في يوليو 2023، أحبطت السلطات القبرصية خطة إرهابية متمثلة في فرقة اغتيالات مدعومة إيرانياً تستهدف الإسرائيليين وعناصر أخرى من المكون اليهودي القبرصي.
كما أنّ محاولات النظام الإيراني لاغتيال المعارضين الإيرانيين في الخارج تتزايد، اذ يشير المعارضون الإيرانيون الى أنّهم يتعرضون للترهيب وعمليات خطف ومحاولات اغتيال من قبل النظام الإيراني عبر العالم.
لقد عرض العملاء الإيرانيون على مهرب بشر مبلغاً قدره 200.000 دولار مقابل القيام باغتيال مذيعَين تم وصفهما بأنّهما "العروس والعريس"، وذلك خارج استوديوهما الواقع في لندن.
في الغالب كان القصد وراء هذه الخطة الإرهابية هو البرهان لمنتقدي النظام الإيراني على أنّه يستطيع الضرر باي شخص أو قتله في أي لحظة. قيل إنّ العملاء الإيرانيين خططوا لاستهداف أستوديوهات قناة "إيران انترناشونال" (Iran International) الناطقة باللغة الفارسية والواقعة في مجمع الأعمال بغرب لندن، وذلك من خلال استخدام السيارات المفخخة. كشف تحقيق أجرته قناة "إي تي في نيوز" (ITV News) عن هوية المخطط، وبفضل تسجيلات فيديو ورسائل نصية تم الحصول عليها في إطار التحقيق، فُضحت مخططاتهم المفصلة.
منذ تولي إدارة بايدن للولاية في يناير 2021، حاول النظام الإيراني تنفيذ خطط للإرهاب والاغتيالات على التراب الأمريكي. في تاريخ 11 أغسطس 2022، اتهم شهرام بورسافي المعروف بمهدي رضائي بمحاولة تجنيد فرد في الولايات المتحدة، حيث عرض عليه مبلغاً قدره 300.000 دولار مقابل اغتيال المستشار السابق للأمن القومي جون بولتون (John Bolton). وقيل إنّ الهدف الثاني كان الوزير السابق للخارجية الأمريكية مايك بومبيو (Mike Pompeo)، بما أنّه تم عرض مبلغ قدره مليون دولار مقابل اغتياله. بالإضافة الى ذلك، ظهر رجل يحمل بندقية كلاشنكوف في بيت الناشطة الإيرانية-الأمريكية لحقوق الإنسان مسيح علي نجاد (Masih Alinejad) بمنطقة بروكلين (Brooklyn) الواقعة في ولاية نيويورك.
من خلال محاولاتها لاغتيال المواطنين الأمريكان على التراب الأمريكي، تتعدى إيران على السيادة الأمريكية عمداً. من المحتمل أن تعود هذه التوجيهات للاغتيالات الخارجية الى أرفع مستويات القيادة السياسية في الجمهورية الإسلامية.
اشارت جريدة "واشنطن بوست" (Washington Post) الى أنّ محاولة إيرانية لخطف علي نجاد تمثل تحذيراً مهماً لإدارة بايدن:
"إنّ الرسالة الموجهة الى إدارة بايدن التي أعلنت في كثير من الأحيان عن نيتها للدفاع عن المعارضين المكافحين من أجل الديمقراطية، تفيد أنّ إيران والدكتاتوريات الخارجية الأخرى لن تتقاعس عن شن هجومات داخل الولايات المتحدة في حال عدم ردعها."
بالفعل حان الوقت أن ننهي ارسال المليارات من الدولارات الى النظام الإيراني الذي يجند افراداً عبر العالم من أجل ترهيب الناس الذين يعتبرهم أعداء النظام، فضلاً عن خطفهم واغتيالهم. إنّ إعطاء الرشاوي لإيران يؤسس سابقة كارثية. كما قال السيناتور جوني أرنست (Joni Ernst) وهو عضو من أعضاء هيئة مجلس الشيوخ للقوات المسلحة (Senate Armed Services Committee):
"إنّ استراتيجية الرئيس بايدن التي تتمثل في الاسترضاء تواصل المخاطرة بحياة الأمريكان في الداخل والخارج. لا يمكن السماح لإيران بالاستمرار في محاولة اغتيال المواطنين الأمريكان والمعارضين الإيرانيين من دون المحاسبة. لا يكون الداعم الأول للإرهاب في العالم موثوقاً به. إنّني احاسب الرئيس بايدن من خلال منع ادارته من تزويد طهران بسنت آخر من تخفيف العقوبات. سينهي تشريع "بونيش" (PUNISH) الذي أقدمه، هذه الاستراتيجية الفاشلة المتمثلة في الاسترضاء، وسيضمن أن تشعر إيران بأقصى العواقب من الولايات المتحدة بسبب أفعالها."
مع اقتراب صنع الأسلحة الإيرانية النووية، ما مقدار الضرر الذي ينبغي أن يقوم به النظام الإيراني حتى يتم إيقاف أعماله في النهاية؟
د. مجيد رفيع زاده (Majid Rafizadeh) خبير ومستشار في مجال تخطيط الأعمال التجارية ومن خريجي جامعة هارفارد، وباحث في العلوم السياسية، وعضو في مجلس إدارة صحيفة "هارفارد انترناشونال ريفيو" (Harvard International Review). وهو أيضاً رئيس المجلس الأمريكي الدولي المعني بالشرق الأوسط. وقد ألّف العديد من الكتب حول الإسلام والسياسة الخارجية الأمريكية. ويمكن التواصل معه عبر البريد الالكتروني على العنوان: dr.rafizadeh@post.harvard.edu