يقترب النظام الإيراني بخطى حثيثة من تحقيق إنجاز هام في مساعيه الرامية إلى الحصول على أسلحة نووية. أوضح الجنرال 'حسين سلامي'، القائد العام للحرس الثوري الإسلامي، خطط النظام الإيراني بوضوح شديد على شاشة القناة الثانية التابعة للنظام الإيراني في عام 2019، حيث قال: «إن استراتيجيتنا تتمثل في محو إسرائيل من على الخريطة السياسية الدولية» في الصورة: 'سلامي' يلقي كلمة في ميدان الانقلاب الإسلامي في طهران، 25 تشرين الثاني/نوفمبر، 2019. (مصدر الصورة Atta Kenare/AFP عبر Getty Images) |
يقترب النظام الإيراني بخطى حثيثة من تحقيق إنجاز هام في مساعيه الرامية إلى الحصول على أسلحة نووية. وفي الوقت نفسه، لا يبدو أن إدارة الرئيس الأمريكي 'جو بايدن' (Joe Biden) لديها خطة واضحة لمنع الملالي من امتلاك أسلحة نووية. بل ونشرت صحيفة 'نيويورك تايمز' تقريرا ذكر أن الجمهورية الإسلامية "ستنجح في الحصول على مواد تكفي لتزويد سلاح نووي واحد بالوقود في غضون شهر تقريبا».
ومنذ أن تولت إدارة الرئيس 'بايدن' السلطة، عمل النظام الإيراني دون كلل أو ملل على التعجيل بوتيرة تخصيب اليورانيوم إلى «مستوى قريب من درجة إنتاج الأسلحة». وأشارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أنه:
"منذ 23 شباط / فبراير 2021، تضررت أنشطة الوكالة في مجال التحقق والرصد على نحو جسيم نتيجة لقرار إيران بوقف تنفيذ التزاماتها المتصلة بالمجال النووي".
ويجب علينا عدم الاستهانة بالتهديد الذي تشكله إيران المسلحة نوويا. فأولا، طالما هدد النظام الإيراني مرارا وتكرارا بمسح دولة بأكملها - إسرائيل - من على الخريطة. ومن الركائز الأساسية التي قامت عليها الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدمير الدولة اليهودية. ومن بين النبوءات الدينية لمؤسس الجمهورية، 'آية الله روح الله الخميني'، وكذلك خليفته ، المرشد الأعلى الحالي 'آية الله علي خامنئي'، أن إسرائيل ستُمحى في نهاية المطاف من على وجه الأرض.
وقد أوضح الجنرال 'حسين سلامي'، القائد العام للحرس الثوري الإسلامي، خطط النظام الإيراني بوضوح شديد، وفقا لما ذكره على شاشة القناة الثانية التابعة للنظام الإيراني في عام 2019، حيث قال: «إن استراتيجيتنا تتمثل في محو إسرائيل من على الخريطة السياسية الدولية» كما نشر 'خامنئي' دليلا من 416 صفحة بعنوان "قضية فلسطين" حول تدمير إسرائيل.
وثانيا، يرتكز نظام الحكم الديني الذي أنشأه الملالي على إعطاء الأولوية للسعي من أجل تحقيق أهدافه الثورية، التي تشمل تصدير نظام الحكم الإسلامي إلى دول أخرى حول العالم. وفي الحقيقة، أدمج الملالي هذه المهمة الحاسمة في دستور البلاد. حيث تنص ديباجة الدستور على ما يلي: "إن رسالة الدستور هي خلق الأسس العقائدية للنهضة وإيجاد الظروف المناسبة لتربية الإنسان على القيم الإسلامية (الشيعية) العالمية الرفيعة". ويمضي الدستور الذي وضعه النظام الإسلامي قائلا إنه "يعدُّ الظروف لاستمرارية هذه الثورة داخل البلاد وخارجها".
ومنذ عام 1979، نجح قادة إيران في توسيع نفوذ طهران في جميع أنحاء الشرق الأوسط، من خلال نشر قوات الحرس الثوري الإيراني و"فيلق القدس"، وهي قوات النخبة التابعة، في مناطق متنوعة شملت اليمن ولبنان وسوريا وقطاع غزة، وذلك من خلال جماعات تحارب بالوكالة، بما في ذلك الميليشيات الحوثية، وحزب الله، وحركة 'حماس'، و'قوات الحشد الشعبي'، وهي تكتل يضم أكثر من 40 من الميليشيات النشطة في العراق.
وثالثا، هناك خطر آخر يكمن في احتمال وقوع أسلحة نووية في أيدي الجماعات والميليشيات التي تحارب بالوكالة عن إيران، أو أن النظام الإيراني سيُطلع أطرافا أخرى من وكلائه وحلفائه على ما توصل إليه في مجال التكنولوجيا النووية، بما في ذلك النظام السوري أو حركة 'طالبان' في أفغانستان.
وقد بدأ النظام الإيراني بالفعل في إنشاء مصانع الأسلحة خارج البلاد، وتصنيع الصواريخ الباليستية والأسلحة المتقدمة في بلدان أجنبية منها مثلا سوريا. وتشمل هذه الأنشطة صنع الصواريخ الموجَّهة بدقة والمزودة بتكنولوجيا متقدمة تمكِّنها من ضرب أهداف محدَّدة.
وإذا كان النظام الإيراني يقوم بالفعل بتزويد الجماعات والميليشيات التابعة له بالأسلحة المتقدمة، فما الذي سيمنعه من إطلاعهم على ما لديه من تكنولوجيا نووية بهدف تمكينهم، وتقويض المصالح الأمنية الوطنية لأعدائه الوهميين، وتوسيع نفوذه؟ وقد كشف أحدث تقرير سنوي للأمم المتحدة صدر هذا العام أن الحوثيين تلقوا كميات كبيرة من الأسلحة من النظام الإيراني: "تشير مجموعة متزايدة من الأدلة إلى أن أفرادا أو كيانات في جمهورية إيران الإسلامية يزوِّدون الحوثيين بكميات كبيرة من الأسلحة والمكوِّنات ذات الصلة".
ومنذ أعوام، صنَّفت وزارة الخارجية الأمريكية إيران على أنها "دولة راعية للإرهاب". وفي الوقت الحالي، يُحاكم الدبلوماسي الإيراني 'أسد الله أسدي' في أوروبا بشأن محاولة تفجير إرهابية فاشلة في باريس، فرنسا، استهدفت مسيرة نُظِّمت تحت شعار "حرروا إيران". وتواصل إيران استخدام العملاء السريين أو إرسال قوات مسلحة. فقد اعتقلت عدة دول، منها الكويت، عددا غير قليل من الإيرانيين الذين حاولوا التسلل إلى البلاد. وثبت أن طهران تستخدم سفاراتها ودبلوماسييها في دول أجنبية لمثل هذه الأغراض.
والطريقة التي تعامل بها إيران مواطنيها مثال ساطع على أساليبها. حيث تشير التقارير الأخيرة الواردة من هناك إلى أمور منها أن:
" قوات الأمن تستخدم القوة غير القانونية لقمع الاحتجاجات. وتواصل السلطات عمليات الاعتقال التعسفي لمئات من المتظاهرين والمعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتحكم على الكثير منهم بالسجن والجلد. كما تتعرَّض النساء والأقليات العرقية والدينية في البلد إلى تمييز متأصل وأشكال مختلفة من العنف. ولا تزال ممارسات الاختفاء القسري والتعذيب وغيرها من أشكال المعاملة السيئة متفشية على نطاق واسع وبصورة منهجية، ودائما ما ينجح مرتكبوها في الإفلات من العقاب. كما تُفرض عقوبات قضائية جسدية ترقى إلى حد التعذيب، بما في ذلك الجلد وبتر الأطراف. وينتهك النظام حقوق المحاكمة العادلة بصورة منهجية. وتُستخدم عقوبة الإعدام كأداة للقمع السياسي. وتُنفَّذ أحكام الإعدام سرا، باستثناء حالة واحدة كان التنفيذ فيها علنيا. وكان من بين من أُعدموا أشخاص تقل أعمارهم عن 18 عاما وقت ارتكاب الجريمة. وتواصل السلطات ارتكاب جرائم ضد الإنسانية من خلال الإخفاء المنهجي لمصير وأماكن وجود عدة آلاف من المعارضين السياسيين، سواء من المختفين قسرا أو من تم إعدامهم سرا خارج نطاق القضاء في عام 1988. وتتعرَّض المقابر الجماعية التي يُعتقد أنَّها تضم رفاتهم إلى التدمير بصورة مستمرة".
وإذا كانت هذه هي الطريقة التي تعامل بها القيادة الإيرانية مواطنيها، فما الذي يجعل أي شخص يعتقد أنهم سيعاملون خصومهم بشكل أفضل؟ وكما تساءل آخرون: لو كان 'هتلر' قد نجح في الحصول على سلاح نووي، هل يعتقد أحد أنَّه كان سيتردد في استخدامه؟
فإذا تمكَّن نظام الملالي الشرس في إيران من الحصول على أسلحة نووية، لا يسع المرء إلا أن يتخيل إلى أي مدى سيصبح هذا النظام أكثر عدائية وأكثر جرأة. فعندما ينجح مثل هؤلاء القادة في الحصول على أسلحة دمار شامل، تصبح أي محاولة لإيقافهم باهظة التكلفة من حيث الخسائر في الأرواح والأموال. بل وقد لا تحتاج إيران إلى استخدام أسلحتها النووية؛ لأن التهديد بذلك أكثر من كافٍ.
د. مجيد رفيع زاده (Majid Rafizadeh)، خبير ومستشار في مجال تخطيط الأعمال التجارية من خريجي جامعة هارفارد، وباحث في العلوم السياسية، وعضو في مجلس إدارة صحيفة 'هارفارد إنترناشيونال ريفيو' (Harvard International Review)، وهو أيضا رئيس المجلس الأمريكي الدولي المعني بالشرق الأوسط. وقد ألَّف العديد من الكتب حول الإسلام والسياسة الخارجية الأمريكية. ويمكن التواصل معه عبر البريد الإلكتروني على العنوان: Dr.rafizadeh@post.harvard.edu